أن تاهت عنك بلادي
فهناك تجدها
وسط وشاح ابيض دنسه القاتل
وسط صخب أصوات تسد المدى
وسط دموع قوم وحاكم خاذل
بين شعب كان كموج بحر
يحمل ألف شهيد ومناضل
كان فيه النصر شامخ الرأس
من قلب حديد ودرع باسل
كان فيه من نور الوجوه أناس
تطيب منهن وتنهل الشمائل
كان فيه الازهر والعلم منار
ونبع ترتوي منه الفضائل
كان فيه اجدادى قوم اذا أقاموا
يمحى الظلام ويزهق الباطل
تلك بلادى كم هى بعيدةٍ
كم علت بأوطان فى الظلم تطاول
فكل ليل يأتى فهو الى زوال
الا ظلام أمتى لا اجده راحل
كل الاغصان تزهو وتزدهى
الا فروعنا فهى جرداء تهمل
كل مساء حزين عندنا
كل صباح هو نار ومرجل
فى اليوم نموت الف مرة
نموت وفى اعناقنا حجر مثقل
فى ارضنا الف الف قتيل
فى ارضنا تجد للموت منزل
وأطفالنا تقطف منهم زهور نادية
ليهديهم الموت ورد ذابل
وكراسة بها دماء ودموع
وقلم سلاح ورمح قاتل
فى ارضنا العجائز تصرخ
واليتامى تنوح تحت القنابل
تحت دبابات الموت تدهس
الف يد ويد وهم عواذل
وقوم جياع فى خيام عراة
صوت احلامهم صوت الوابل
صوت أنينهم مدفعية ودانة
واجساد قوم اشلاء وأنامل
فى ارضنا لا ماء هناك ولا زرع
قد جفت المنابع والجدوال
ليس سوى اصفاد وقيود
وجلاد وظالم وسلاسل
فى كل شبر من بلادى صدى
من الف عام وهو صائل
فى كل درب شجن وألم
تنوح وتبكى كل البلابل
الفساد قد صار هو وباءنا
مرض ما كان يوم خامل
يجول بين الناس كأنه
جيش تجر خطاه الجحافل
أين هى بلادى وسط الخوف
تنام وتلوذ بالجحور منازل
اين هى بلادى بين الظلم
عمياء تنادى وليس هناك سأل
اين بلادى وسحر ديار كانت
درة العالم والضياء منها دلائل
ضع عنك كل الأقنعة واسمع
دبيب السجون وصوت السلاسل
بادل الحديث لنفسك لعلها
تضع بين الظلم والحق حائل
وارفع عينيك هل رأيت سوى
عرائس ومسارح وسد مائل
هل رأيت غير شباب أمة
غرقى في بلاد بلا سواحل
تلك بلادي ترى كعجوزا نائم
على الأرصفة رث الثياب ذاهل
بين لحظات عمره القصيرة
بين سطور وكلمات ورسائل
تجده يضم يديه ويبسطها
بهون الأيام وجسد ناحل
ليلقى حروف تسطر لنا
عمر جميل وسط صدح البلابل
كانت فيه بلادي
أجمل بلاد
كان فيه شعب وحاكم عادل
بقلمى
عبدالله شاكر
0 التعليقات:
إرسال تعليق